مقدمة:
في عالم اليوم، أدى الاعتماد على تقنيات المعلومات والاتصالات وبالتحديد انتشار التقنيات المتقدمة مثل الحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي إلى تحسين حياة الناس بشكل كبير، وتبسيط العمليات، وزيادة الكفاءة في عمليات المنظمات، وفتحت فرصًا لا حصر لها للابتكار والنمو. ومع ذلك، أدى هذا التقدم التقني السريع أيضًا إلى توسيع نطاق المخاطر السيبرانية، مما جعل المنظمات والأفراد أكثر عرضة للتهديدات السيبرانية المعقدة والمتطورة باستمرار.
بما أن هذه المخاطر ليست ثابتة؛ وهي تتطور باستمرار مع قيام المهاجمين بالتكيف مع التقنيات الجديدة وإيجاد طرق لاستهداف المنظمات وحتى المستخدمين. فهناك حاجة لادارة مخاطر الأمن السيبراني من أجل تحديد وتقييم والتعامل مع هذه المخاطر بشكل مستمر.
المخاطر السيبرانية:
تشير المخاطر السيبرانية الى احتمال وجود تهديدات تستغل ثغرات في الأصول المعلوماتية كالأنظمة والشبكات والبيانات، مما يؤدي إلى حدوث أضرار في المنظمة كالخسائر المالية أو تضرر السمعة أو اضطرابات تشغيلية أو عقوبات قانونية وتنظيمية ناتجة عن الهجمات السيبرانية أو تسريب البيانات. تشمل المخاطر السيبرانية عدة أنواع من بينها:
هجمات البرامج الضارة وبرامج الفدية: غالباً ما يستخدم المهاجمون البرامج الضارةللتسلل إلى الأنظمة أو تعطيلها أو سرقة البيانات أو احتجازها كرهينة حتى يتم دفع فدية.
هجمات برامج الفدية: هي أحد أنواع البرامج الضارة والتي تقوم بتشفير بيانات المنظمة، ولا تقوم بفك تشفيرها حتى يتم دفع فدية. وتتسبب هذه البرامج في حدوث اضطرابات تشغيلية كبيرة للمنظمة.
عمليات الاحتيال بالاصطياد الالكتروني: يستخدم مجرمو الإنترنت رسائل البريد الإلكتروني لخداع الأفراد ودفعهم للكشف عن معلومات حساسة مثل كلمات المرور أو أرقام بطاقات الائتمان.
التهديدات الداخلية: يمكن للموظفين، سواء عن قصد أو عن غير قصد، أن يشكلوا خطرا على المنظمة من خلال سوء التعامل مع البيانات أو تعريض الأنظمة للثغرات الأمنية.
التهديدات المستمرة المتقدمة (APTs): تتضمن هذه التهديدات هجمات مطولة ومستهدفة لكيانات محددة، غالبًا ما ينفذها مهاجمون يتمتعون بمهارات عالية.
نقاط ضعف إنترنت الأشياء: مع انتشار الأجهزة المتصلة، يمكن للمهاجمين استغلال أنظمة إنترنت الأشياء غير الآمنة كنقطة دخول إلى شبكات أكبر.
تعريف ادارة المخاطر السيبرانية وأهدافها:
تعريف إدارة المخاطر السيبرانية
إدارة المخاطر السيبرانية هي عملية تحديد وتحليل ومعالجة التهديدات الأمنية السيبرانية لضمان حماية الأصول المعلوماتية والعمليات التجارية والمعلومات الحساسة. إنها جزء لا يتجزأ من استراتيجية إدارة المخاطر الشاملة للمنظمة، مع التركيز بشكل خاص على تقليل نقاط الضعف التي يمكن استغلالها من قبل التهديدات السيبرانية.
أهداف إدارة المخاطر السيبرانية
تتضمن الأهداف الأساسية لإدارة المخاطر السيبرانية ما يلي:
- تحديد المخاطر: اكتشاف وفهم التهديدات المحتملة للبنية التحتية الرقمية للمنظمة.
- تقييم المخاطر: تقييم احتمالية وتأثير المخاطر المحددة لإعطاء الأولوية لجهود التعامل مع المخاطر.
- تخفيف المخاطر: تنفيذ الضوابط التفنية والإدارية والمادية للحد من نقاط الضعف ومنع الهجمات المحتملة.
- الامتثال: ضمان الالتزام بالأطر القانونية والتنظيمية، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) أو شهادة نموذج نضج الأمن السيبراني (CMMC).
- استمرارية الأعمال: الحفاظ على المرونة التشغيلية من خلال الاستعداد للحوادث السيبرانية والاستجابة لها والتعافي منها بأقل قدر من الانقطاع.
منهجية ادارة المخاطر السيبرانية:
يتم تطبيق ادارة المخاطر السيبرانية من خلال اتباع المنهجية التالية:
- تحديد المخاطر: وتتضمن الخطوات التالية:
- جرد الأصول: فهرسة جميع الأصول المعلوماتية للمنظمة ، بما في ذلك الأجهزة والبرامج ومستودعات البيانات.
- تحليل التهديدات: تحديد المهاجمين المحتملين، مثل مجرمو الإنترنتت, التهديدات الداخلية, والمجموعات الفاعلة مادون الدولة, وفهم دوافعهم وأساليبهم. بالاضافة لتهديدات أخرى مثل البرامج الضارة والاصطياد الالكتروني.
- تقييم نقاط الضعف: تحديد نقاط الضعف في الأنظمة أو التطبيقات أو العمليات التي يمكن استغلالها من قبل المهاحمين.
- تقييم المخاطر
-
- تقييم الاحتمالية: تقييم احتمالية حدوث التهديدات المحددة.
- تحليل التأثير: تقدير العواقب المحتملة للهجمات السيبرانية الناجحة، بما في ذلك الخسارة المالية، وتضرر السمعة، والعقوبات القانونية.
- حساب المخاطر: استخدام نماذج تقييم المخاطر الكمية أو النوعية لحساب المخاطر وتصنيفها من حيث شدتها وأولويتها..
- تخفيض المخاطر: من خلال اتباع مجموعم من التدابير من بينها:
-
- التدابير التقنية: تطبيق بعض التدابير مثل جدران الحماية، والتشفير، والمصادقة متعددة العوامل، وغيرها من الضوابط التقنية.
- التدابير المادية: تطبيق بعض التدابير مثل الدخول المصرح به للأماكن الحساسة وكاميرات المراقبة.
- تدريب الموظفين: زيادة الوعي بشأن عمليات التصيد الاحتيالي، وحماية كلمات المرور، وهجمات الهندسة الاجتماعية.
- تطوير السياسات: وضع سياسات واضحة للأمن السيبراني وخطط الاستجابة للحوادث.
- مراقبة المخاطر
-
- المراقبة المستمرة: استخدام أنظمة اكتشاف التسلل (IDS) وأدوات إدارة المعلومات الأمنية والأحداث (SIEM) لمراقبة نشاط الشبكة.
- المعلومات الاستباقية: البقاء على اطلاع دائم بالتهديدات والثغرات الأمنية الناشئة.
- المراجعة المنتظمة: مراجعة واختبار الضوابط بشكل دوري لضمان فعاليتها.
- الاستجابة للحوادث والتعافي منها
-
- اكتشاف الحوادث: استخدام الأدوات والأنظمة لمراقبة الشبكات ونقاط النهاية والتطبيقات بحثًا عن أي سلوك غير عادي يدل على حادثة سيبرانية مثل اختراق الأنظمة..
- خطط الاستجابة: اتباع بروتوكولات محددة مسبقاً لاحتواء وتخفيف تأثير الحوادث السيبرانية.
- تحليل ما بعد الحادث: التعلم من الأحداث الماضية لتعزيز الاستعداد للمخاطر المستقبلية.
نتائج تطبيق ادارة المخاطر السيبرانية:
تحقق المنظمات التي تطبق استراتيجيات فعّالة لإدارة المخاطر السيبرانية فوائد كبيرة، بما في ذلك:
- تحسين الوضع الأمني : من خلال معالجة نقاط الضعف بشكل استباقي، تقلل المنظمات من تعرضها للتهديدات السيبرانية وتعزز دفاعاتها.
- استمرارية الأعمال : تضمن إدارة المخاطر الفعالة استمرار العمليات شديد الأهميةحتى أثناء الاستجابة للهجمات السيبرانية، مما يقلل من وقت الانقطاع عن العمل وبالتلي يقلل من الخسائر المالية.
- الامتثال التنظيمي: يساعد الالتزام بلوائح ومعايير الأمن السيبراني المنظمات على تجنب العقوبات القانونية والحفاظ على ثقة العملاء.
- حماية السمعة: تضمن إدارة المخاطر السيرانية التزام المنظمة بحماية أصحاب المصلحة لديها، وتعزيز سمعتها.
- توفير التكاليف: غالبًا ما يكون منع الحوادث السيبرانية أقل تكلفة بكثير من التعامل مع عواقبها، بما في ذلك تكاليف الفدية والرسوم القانونية وتكاليف انقطاع الأعمال.
- زيادة ثقة أصحاب المصلحة: من المرجح أن يثق أصحاب المصلحة، بما في ذلك المستثمرون والعملاء والموظفون، في المنظمات التي تعطي الأولوية لخطة أمن سيبراني تتضمن ادارة فعالة لمخاطر الامن السيبراني.
الخاتمة:
إن إدارة مخاطر الأمن السيبراني هي تخصص بالغ الأهمية في العصر الرقمي، حيث تقدم للمنظمات الأدوات والأطر اللازمة لمكافحة التهديدات المتطورة باستمرار. ومن خلال تحديد المخاطر وتقييمها وتخفيضها بشكل منهجي، يمكن للمنظمات حماية أصولها المعلوماتية، وضمان استمرارية أعمالها، والحفاظ على ثقة أصحاب المصلحة. ومع تقدم التكنولوجيا، يجب أن تتقدم الاستراتيجيات والمنهجيات المستخدمة في إدارة مخاطر الأمن السيبراني أيضًا، مما يجعلها مكونًا ديناميكيًا وأساسيًا للمرونة التنظيمية في المنظمات.